(5)

البحر شديد النقاء يلتقي مع السماء الصافية عند نقطة لا تستطيع العين تحديدها ، تلك السماء الشاسعة التي تهيم فيها الطيور مهاجرة أو باحثة عن قوت يومها ؛ ترشدها غريزتها إليه بقدرة الله -سبحانه وتعالى-.
كان يجلس ممداً ساقيه أمام هذا المشهد يراقبه متأملاً قدرة الله في خلقه وتسيير أمور الكون تبارك الحي القيوم الذي لا ينام ، يفعل ذلك دون أن يدري أنه يمارس إحدة العبادات وهي التأمل في خلق الله -عز وجل- ، فلقد قال الحسن البصري " تفكر ساعة خير من قيام ليلة ". قاطع تأملاته صوت يأتي في خلفه:
-أنت هنا يا ابني وأنا قالب عليك المكان كله ؟
-عايز إيه يا رامي مش وقتك خاااالص
-يعني هأكون عايز منك إيه ؟ ... مش أنا اللي عايزك دي مراتك يا باشا
سأله متأففاً: وهي عايزة إيه دلوقتي ؟
أجابه: والله ما أعرف هي سألتني عنك قولتلها ما شوفتوش من الصبح قعدت تقولي إنها قالبه عليك الدنيا وإنك مش ظاهر بقالك فترة وخايفة عليك وفي الأخر قالتلي لو لاقيتك أبقى أقولك إنها عايزاك
أشاح بوجهه بعيداً قائلاً بضجر: طيب بعدين بعدين
جلس صديقه إلى جواره وهو يسألها متعجباً: مالك يا ابني ؟ ... مش دي بوسي اللي كنت طاير بيها وفرحان بجوازتك منها ؟ ... إيه اللي غيرك يا صاحبي ؟
زفر بقوة قائلاً: مش عارف يا رامي ما بقتش طايقها ولا طايق اسمع صوتها بس بأصبر نفسي
تنهد رامي: من الأول قولتلك بلاش ... أنا مش عارف عجبك فيها إيه بالظبط ... دا ديما ضفرها برقبة دي وأغلى بكتير كمان
ظهر الحزن على وجهه وهو يقول: ما بقتش بتخرج من بالي كل شوية أفكر فيها ، مش عارف إيه اللي بيفكرني بيها بس في عز ضيقتي بألاقيها جت في بالي ، وأحس براحه وإنها لسه معايا وأفوق على خيالها اللي راح من قدامي ... تخيل يا رامي ما شوفتهاش من 3 سنين ومع ذلك لسه فاكر كل تفاصيل وشها وحركاتها وضحكتها كل حاجه فيها لسه في دماغي كأنها قدامي وشايفها بعنيا
رامي: طب مادام بتحبها كدا يا باسل سيبتها ليه ؟
قاطعهم صوت أتى من مكان ما خلفهما فألتفتا إلى الصوت ليجدا ... بوسي قادمة وعلى وجهها ملامح الغضب والضيق وقد اتضح ذلك كثيراً من نبرة صوتها ومشيتها: أنت هنا يا باسل باشا ؟! وأنا عماله أدور عليك ؟
أجابها بضيق شديد: إيه هأضيع ولا فاكراني عيل صغير يا ست بوسي ؟
حدثته بدلال واضعة إحدى ذراعيها خلف عنقه: والله مش قصدي يا بيبي ... أنت بس اختفيت من غير ما تقولي و قلقت عليك مش أكتر
رد غاضباً: وهو إنتي كمان عايزاني أخد الإذن قبل ما أخرج من جنابك ولا إيه؟
ادعت الحزن قائلة: إخص عليك يا باسل بقى إنك تطمني عليك يضايقك للدرجة دي ؟
لاحظ رامي ضيق صديقه منها فقال مازحاً: يخربيت زن الستات يا جدع ... يا بوسي سيبيه هيروق لوحده ... كدا هتخليه يضايق أكتر
زفرت بضيق وقالت: على فكرة شادي وصل من القاهرة
إلتفت إليها باسل بإهتمام: طب هو فين دلوقتي ؟
أجابته: سيبته مع كريم بيدردشوا سوا عقبال ما تيجي
أشار لرامي : طب يلا بينا يا رامي
سارت معهما بصمت تفكر بقلق في سر إبتعاد زوجها عنها وقد بدأ الشك يطرق قلبها...
--------------------
سمحت للطارق بالدخول وهي ما تزال منشغلة بأكوام الأوراق المتراكمة أمامها على المكتب ، لا تعرف بماذا تبدأ ومن أي إتجاه تباشر العمل ، أفاقت على صوت الأستاذ نعيم يقول ضاحكاً: أنا جيت أقولك مبروك رجوعك الشركة بس شكلك زي الغرقانة في شبر مايه
تنهدت ديما: أنت بتقول فيها يا أستاذ نعيم ؟.. أنا فعلاً غرقانة
جلس نعيم قائلاً مشجعاً: معلش بكره الدنيا هتتظبط وهيبقى كل شئ سهل بأمر الله
رددت بأمل: أمييييييين ... حضرتك تشرب إيه بقى؟
رفض قائلاً: معلش إعفيني
أجابته مستنكرة: لا طبعاً ، حضرتك جيتلي المرة اللي فاتت في الشركة اللي كنت شغالة فيها ونسيت أقول لحضرتك تشرب إيه ودا ما يصحش ... فلازم ولابد تشرب حاجه المرة دي
ضحك نعيم بشدة وقال بإستسلام: خلاص مادام لازم ولابد فأنا هأشرب واحد قهوة سادة
رفعت ديما السماعة وطلبت له ما أرد قبل أن تتابع: أنا متأكدة إنه حضرتك جاي لسبب غير طبعاً إنك ترحب بيا في الشركة
أومأ موافقاً وقال بإعجاب: طول عمرك نبيهة زي مامتك -الله يرحمها-
رددت بهدوء: -الله يرحمها-
بدأ يتحدث بجدية في ما أتى من أجله بدون مقدمات: إنتي ليه رفضتي إنك تقدمي في المناقصة الاخيرة ؟
تعجبت ديما: وحضرتك عرفت منين؟
ابتسم بثقة قائلاً: مش مهم عرفت منين ... المهم السبب اللي خلاكي ترفضي تقدميها
قالت بشموخ وعزة نفس: أعتقد دا شغلي أنا ، وأنا اللي أحدد أقدم ف إيه وما أقدمش ف إيه ... ولا إيه رأي حضرتك ؟
دخل الساعي ليقدم القهوة وبعد مغادرته نظر لها بقوة قائلاً: دا لو فعلاً الدافع بتاعك كان الشغل ، مش إنه باسل كمان داخل المناقصة دي
ظهر التوتر جلياً على ملامحها وهي تقول: ومين اللي قال كدا ؟
قال بثقة مبتسماً: التوتر اللي ظهر عليكي دلوقتي
كان الصمت سيد الموقف لدقائق حتى عاد يقول: إنتي لازم تتدخلي المناقصه دي بأي شكل !
لاحظ الدهشة تكسو ملامح وجهها فتابع: هو هروبك من مواجهته دا عشان لسه بتحبيه ولا خوف من إنك تخسري قدامه مناقصة زي دي؟
رفعت رأسها وقالت بثقة: أولاً أنا مش بأهرب ، ثانياً أخاف منه ليه إن شاء الله ؟
نهض بعد أن ارتشف قهوته دفعة واحدة قائلاً: والله مش بالكلام
غادر ليتركها تتخبط في أفكارها ، تنهدت متجهة إلى الحمام الملحق بغرفتها وتوضأت ثم فرشت سجادة الصلاة بعد إحكامها إغلاق الباب.
بعدما أنتهت ، توجهت إلى الهاتف ونقرت زر إستدعاء السكرتيرة التي دخلت تنتظر التعليمات فأمرتها مباشرة: خلي أستاذ فؤاد النجار يجيلي ومعاه ورق المناقصة الأخيرة اللي كنت رفضاها.
أومأت السكرتيره بطاعة وغادرت فإلتفتت إلى مكتبها المكدس بالأوراق والمستندات ثم تنهدت قائلة لنفسها: قال أخاف قال لا وكمان أهرب؟... لما أشوف الورق الكتير دا هيخلص إزاي ... إستعنى عالشقا بالله ... يا كريم!
------------
كانت كلاً منهما ترتب أغراضها وتستعد لمغادرة الشركة بعد أنتهاء يوم عمل طويل ، أتى شريف ملقياً التحية على كلتيهما وعندما اقترب ليطبع قبلة على وجنتي ماري ابتعدت عنه بسرعة مدعية انشغالها بوضع بضعة ملفات في أحد الادراج ، تعجب من تصرفها ولكنه لم يهتم ، قال بمرح: إيه رأيك يا ماري نروح نتعشى سوا إنهارده ؟
سألته: عندكوا ؟
أجابها بعد أن هز رأسه نافياً: لا أنا قصدي نروح نتعشى لوحدنا في مطعم ولا حاجه
نظرت له نظرة لم يستطع تفسيرها وقالت بهدوء: معلش يا شريف مش هينفع
تعجب من رفضها: ليه ؟ ... من إمتى بتقولي لا على عشا ؟
نظرت له شذراً: من إنهارده ... ومن الأخر يا شريف كدا عشان ما تتعبش نفسك عالفاضي طول ما إحنا مخطوبين مش هأخرج معاك لوحدي
صعق شريف: طب وليه كل دا؟ ... هو أنا غلطت ف حاجه ؟
أغمضت عينيها مجيبة: لا ما غلطتش ... أنا اللي غلطت
إلتفتت إلى ميرنا التي كانت تسمع كل كلمة تدور بينهما دون أن تشعرهما بوجودها وقالت ناهضة من مجلسها: يلا يا ميرنا .. ولا هتباتي هنا ؟
ميرنا ضاحكه: أبات إيه؟ ... دا أنا لما بأصدق أخرج من هنا
أوقفهما شريف قائلاً: طب استنوا أما أوصلكوا
رفضت ماري بهدوء: معلش يا شريف ... مش هينفع
أجابها ساخراً: وليه بقى ؟ ... ما ميرنا معانا أهو يعني مش لوحدنا ولا بتتحججي؟
-لا مش باتحجج يا شريف ... بس ميرنا بيتها أقرب وبعد ما بنوصلها بنكمل لوحدنا فهمت ؟
قال بعناد: خلاص هأوصلكوا لحد بيت ميرنا وبعدين أركبك تاكس
سبقت ميرنا صديقتها بالاجابة قائلة بمزاح: يا بنتي الواد عايز يعمل نفسه ذوق وجنتل ما تحرميهوش إنه يعيش الدور ... يلا يلا
هدأ قليلاً لمزاحها وقال بغرور: أنا مش محتاج أعمل نفسي ؛ لإني فعلاً جنتل وذوق
غمزت ميرنا صديقتها قائلة: طب مادام جنتل وذوق ما توقفلنا التاكسي من هنا بقى ، ولا أنا مكتوب عليا الموتورجل والست ماري التاكاسي ؟
شريف ضاحكاً: حتى دي بتبصيلها فيها !
ماري وقد هدأت : ههههههههه يا بنتي اعتقيني شوية ... على طول نق نق نق
تظاهرت بالتفكير قبل أن تجيب: خلاص ... هاعتقك من النق وابدأ قر كدا بيس ؟
سبقهم شريف إلى باب الشركة وفتحه قائلاً: طب يلا قدامي إنتي وهي ولا مستنين الأمن يطردونا ؟
----------------------------
-أهلااااااا وأخيراً الباشا حن علينا بطلته الباهية ؟
ضحك باسل بشدة قائلاً: إيه يا عم شادي الغيبة الطويلة دي ؟
-معلش بقى ما أنت عارف الأشغال ... بس تصدق إنك وحشتني يا باسوله
قهقه رامي : باسوله مرة واحدة .... تصدق حلوة ولايقه عليه جداً !
زفر باسل بضيق : يا ابني اتهد بدل ما اعملها معاك
قاطعتهم بوسي قائلة: أنا هاروح أخد شاور قبل العشا عن إذنكوا
غادرت بينما إلتفت رامي لشخص يقف بجواره قائلاً: وأنت إزيك يا أبو المكارم ؟
ابتسم: الحمدلله ... إزي حضرتك؟
ضحك شادي: حضرتك ؟ .. بقى رامي كفته يتقاله حضرتك؟
رامي: هاهاها تصدق ضحكتني ... دمك سم
وضع باسل يده على كتف كريم قائلاً بابتسامة: إحنا هنا إخوات فمافيش داعي للألقاب والتكليف دا يا كرومه ماشي؟
أومأ كريم موافقاً فسأله باسل: وأخبارك أنت وخطيبتك إيه ؟
رامي بدهشة: هو خطب كمان  ؟ ... وأنا أخر من يعلم ... ومين تعيسة الحظ دي ؟
ضحك كريم : تعيسة الحظ تبقى لبنى المساعدة بتاعتي
غمزه رامي: أيوه يا عم ... بتشتغل وبتحب عصفورين بحجر واحد
شادي: يا ابني حرام عليك الواد مش حملك ... وبعدين شكله أصلاً خاطبها وخلاص مش حب يعني مش كدا ؟
نظر كريم أرضاً ولم يجب فتابع شادي: خلاص ما تقولش أنا عرفت الجواب
غير باسل مجرى الحديث قائلاً: إنما إيه اللي فكرك بينا يا سي شادي ؟
شادي بكبرياء: ومين قالك إني جاي أشوفك أصلاً ؟
باسل بسخرية: أومال هتكون جاي لرامي مثلاً ؟
قال رامي بضيق: وماله رامي يعني ؟
قاطعهم شادي: مالوش يا سيدي ... أنا كنت جاي أشوف عمو مراد عشان كنت فاكره هيكون هنا وأقضي فترة معاكوا في المنتجع هنا أشوف إيه الأخبار بما إني ما حضرتش الإفتتاح ولا جيت هنا قبل كدا وشاركتك عمياني
ابتسم باسل: اعتبره بتاعك يا سيدي ، وبعدين فيه حد ما يحضرش إفتتاح مشروع من مشاريعه ؟
شادي: معلش بقى ... أنت عارف وقتها كان عادي سفرية مهمة
وجه رامي الحديث إلى كريم : أنت ساكت ليه يا كابتن ما تتكلم ولا هنقضيها فرجه أنا وأنت عليهم ؟
شادي: بص يا كرومه ... أنا والإتنين دول صحاب من أيام الجامعة والصياعه والذي منه ؛ يعني بس مش هيبقى عندنا مانع نبقى أربعه وخصوصاً إني ارتحتلك أوي
ابتسم كريم ابتسامة هادئة: ربنا يكرمك
رامي بحنق: يا ابني اتلحلح ... بيقولك صياعه وصحاب تقوله ربنا يكرمك ؟ ... فيه حد بيكلم صحابه كدا اليومين دول ؟
باسل: يا ابني سيبه ... الواد لسه ما يعرفش غتاتك دي
وضع كريم يده بقوة على ساق رامي ضاحكاً: لا عادي ... أنا أصلاً بدأت أتعود أهو
أزاح رامي يده متأوهاً وقال بغل: دي إيد دي ولا مرزبه! ... لو اللحلحه بالشكل دا خلاص متشكرين مش عايزين !
قهقه الجميع وبعد أن هدأت ضحكاتهم ، توجه رامي بسؤاله إلى شادي: وأنت مش ناوي تتجوز عشان نخلص منك ؟
باسل: صحيح ... مافيش واحدة كدا ولا كدا ؟
أجابه شادي بثقة: مافيش واحدة تقدر تلفت أنتباهي ليها اساساً
كريم: إيه الثقة دي ؟
باسل: أصله طول عمره مغرور وطالع فيها مش عارف ليه فاكر إنه مافيش واحدة في الدنيا تستاهله
رامي: فاكر نفسه على راسه ريشة
كريم: ههههههههه مسيرك تقع وقتها هتطلعه على عينيك
لم يعر شادي أياً منهم أنتباهه ، هو على ثقة شديدة بنفسه ، يعتقد أن أي فتاة يريدها ستأتي إليه طائعة لذلك قرر أنه لا يريد أياً منهن ... إن حواء الطائعة لا تلائمه !
-----------------
       -حضرتك عارف خطورة الكلام اللي بتقوله دا إيه ؟!
أجابها وقد أومأ متأسفاً: مع الأسف عارف وعشان كدا لولا إني متأكد ما كنتش كلمت حضرتك فيه أبداً ، موضوع زي دا ما ينفعش فيه كلام عن مجرد شكوك.
نظرت بعيداً وهي تهمس لنفسها بصوت مرتفع: يعني فيه حد في الشركة هنا عايز يوقعها ؟ ويخسرنا ؟
قاطعها قائلاً بثقة: ومش أي حد ! ... دا حد عارف كل صغيرة وكبيرة هنا وعارف إزاي يخسرنا من غير ما نحس ... عارف بيعمل إيه بالظبط
إلتفتت إليه بأنتباه مستفهمة: وحضرتك عرفته ؟
نظر أرضاً بخجل: لا ما عرفتوش ... زي ما قولت لحضرتك إنه عارف بيعمل إيه ومخطط كويس أوووي ... أنا لولا حصلت غلطة صغيرة أنا نفسي كنت هاعديها عادي بس مش عارف فجأة لاقتني بأمشي وراها ولاقيت حاجات تانية ... صفقات ومناقصات صغيرة خسرناها مع إنه عرضنا كان أحسن عرض والشركات المنافسة كانت أصغر مننا بمراحل وأقل خبرة ... كذا واحدة مش واحدة بنفس النظام ... هي لو كانت صفقة واحدة أو إتنين مثلاً ما كانتش هتأثر ... لكن مجموعة صفقات صغيرة على فترات شبه متباعدة وكمان إختفاء حضرتك هو سبب الهزه اللي حصلت للشركة واللي معرضاها للإفلاس
ديما: طيب تمام ... كمل حضرتك في بحثك عن اللي ورا كل دا ... وأنا هأتصرف
نهض قائلاً: ما تحمليش هم ، هأعمل اللي أقدر عليه
ديما: شكراً جداً ليك يا أستاذ فؤاد
قال بإنكسار: كان نفسي ترجعي تلاقي كل حاجه زي ما سبتيها إن ماكانش أحسن بس ... الحمدلله على كل حال
ابتسمت ديما مشجعة: حضرتك عملت اللي عليك وكفاية إنك قدرت تكتشف حاجه زي دي صعبة إنه حد تاني كان يكتشفها ... خبرة حضرتك ساعدتنا ولسه هتساعدنا إن شاء الله
فؤاد بإرتياح: إن شاء الله ... وبالنسبة للمناقصة الأخيرة ؟ ... هنقدم فيها خلاص ؟
أومأت موافقة: أيوه ياريت تجهزها وتعرضها عليا تاني قبل ما نقدمها
وافق مستأذناً ليذهب إلى مكتبه ، طلبت ديما من السكرتيرة إبلاغ كلاً من ماري وميرنا بالإستقبال أن تصعدا إليها فوراً ...
بعد دقائق دخلت الفتاتان وعلى وجهيهما تبدو ملامح القلق ، اتجهت ديما لتغلق الباب الذي تتركه دائماً مفتوحاً إذا تواجد معها أحد بعد أن جعلت مكتب السكرتيرة ملاصقاً للباب ، فتكون على مرمى البصر وتكون كالحاضرة الغائبة...
قالت ميرنا بتوتر: في إيه يا ديما ؟ خضتينا !
جلست ديما متنهدة ، لحقتا بها فبدأت: فيه حد عايزني أفلس !
ماري مصدومة: نعم ؟؟؟؟ ... مين يعني اللي هيكون ليه مصلحة في كدا ؟
ديما بحيره: مش عارفة ... عايزة أعرف
ميرنا بتمعن: باسل؟
ديما متعجبه: وهو يعمل كدا ليه ؟
ميرنا: أنتقام مثلاً !
ماري بتعجب: وينتقم منها ليه ؟ ... بالعكس دي مجرد ما عرفت إنه مش عايزها انسحبت من حياته فوراً من غير ما يطلب حتى
لاحظت الحزن على وجه ديما فتابعت: مش قصدي يا ديما بأمانة ... أنا بس بأفكر معاكوا بصوت عالي مش أكتر
طمأنتها ديما : عادي ما تاخديش في بالك ... المهم لازم نشوف حل ... مش معقول يبقى فيه حد من اللي حوليا بيطعني في ضهري من غير ما أعرف هو مين
ميرنا: وناوية تعرفيه إزاي ؟
أجابتها: أستاذ فؤاد بيدور وراه ... أنا بعتلكوا قولت يمكن تكونوا عارفين حاجه أو سمعتوا عن اللي بيحصل من حد من الموظفين وكلامهم
ماري: لا أنا ما سمعتش ... بس ما تقلقيش هأبقى اسأل شريف يمكن يكون عارف حاجه
تمنت ديما بأمل: يا رب يكون عارف حاجه عشان يسهل علينا
ميرنا: طب والأستاذ فؤاد ؟ .. مش ممكن يكون هو اللي ورا كل دا وعامل نفسه مسكين ؟
ديما: لا ما أظنش ... وبعدين لو هو فعلاً كدا ماكانش جه وقالي على اللي بيحصل دا عشان لوحدي أنا ماكنتش هاخد بالي ... دا أنا يادوب بدأت أفهم الأمور ماشية إزاي
ميرنا: طب ما هو ممكن يكون خاف لتعرفي لوحدك فحب يكسب عندك نقطة ويحملك جميله عشان ما تشكيش فيه
ديما: لا لا ما اعتقدش ... لو كان هو كان سافر أو ساب شغله بعد ما رجعت
ميرنا: إممممممممم ... طب لحد ما تعرفي هتعملي إيه ؟
فكرت ديما برويه قبل أن تجيب: مش عارفة بالظبط ... بس عالأقل لازم كل اللي حوليا محل ثقة كاملة
لم تكن تدري أن قرارها كان في محله ، ففي ذلك الوقت كانت تتحدث السكرتيرة الخاصة بها همساً في الهاتف قائلة بحذر: أيوه ... لسه أستاذ فؤاد من شوية خارج واللي سمعته إنه عرف إن فيه حد عايز يدمر الشركة ... لا لا لسه ماحدش يعرف مين اللي ورا الحكاية ... لا هي دلوقتي قاعدة مع بنتين بيشتغلوا في الاإستقبال ... لا ما اعرفش بيتكلموا ف إيه ولا عايزاهم في إيه أصلها قافلة الباب .... أه فعلا نعمة إنها ما بتقفلش عليها باب المكتب لما تكون قاعدة مع رجاله .... ههههههه حاضر كل ما أعرف أخبار هأقولك ... مع السلامة
اغلقت الخط وعدلت من هندامه ، وعادت تمارس عملها مرة أخرى وكأن شيئاً لم يكن.


0 التعليقات:

إرسال تعليق