الحلقة 1


ليله شديده السواد...
فغياب القمر واختفاءه بين السحاب أحال الدنيا الى سواد ..ليله كئيبه تتناسب مع هذا البكاء الصامت ..فالدموع تنزل بغزارة الامطار في بدايه فصل الشتاء معلنه عن قدوم شتاء شديد القسوه... تجلس إمراة او بالاحرى فتاة في مقتبل العمر حولها حزنها الى إمراة تحمل هموم الدنيا كلها فوق كتفيها تنظر إلى الطفل النائم بجوارها وملامح البراءة تطغى على وجهه الملائكي النقي فتبدأ ابتسامه صغيره على شفتيها بالظهور ويتوقف شلال الدموع ولكن ما إن تتذكر معامله والده لها وكأنها ليست بزوجته أو ليس بشرية من الاساس ولديها مشاعر حتى يعود شلال الدموع إلى التدفق مرة أخرى لتخرج به كل ما تخفيه في صدرها ولا تستطيع البوح به لاحد ... لتشعر فجأة بحركه بجوارها فتنظر لتجد طفلها الصغير الذي لم يبلغ بعد من العمر 4 سنوات يتطلع إليها ومازال النعاس يداعب جفونه قائلا:
-مامي ... انتي مس نمتي لسه؟ 

تحاول رسم إبتسامه على وجهها البرئ الذي لا يختلف كثيرا عن وجه طفلها فقد تشابهت الملامح بينهم فهو يملك نفس عينيها الرماديتان و الشفاه الصغيره والانف الدقيق ولكن هذا لا يعني انه لو يرث من والده شيئا فلقد ورث عنه طباعه وتقلبات مزاجه هذا فضلا عن شعره الحرير الاسود اللامع الذي تنزل منه إحدى خصلاته لتداعب عينيه


-لا يا حبيبي نمت ... بس صحيت علشان أصلي الفجر 
الطفل بحزن: يعني صليتي الفجل من غيلي يا مامي؟
الام: وأنا أقدر بردوا يا روح مامي؟... ما أنا كنت لسه هاصحيك اهو بس انت صحيت لوحدك يا بطل
الطفل بفرحه: هيييييه أنا أحبك أوي يا مامي 
الام وهي تضمه إلى صدرها بحنان: وأنا بحبك اوي يا سيف 
سيف: طب يلا يا مامي علسان الوح اصحي بابي علسان يحلق يصلي 
الام وقد عاد لها بعض حزنها: ماشي يا حبيبي روح يلا صحيه 
لم ينتظر سيف حتى تنهي كلامها فقد انطلق فورا إلى غرفه والده المجاورة لغرفته راكضا لايقاظه حتى يصلي معهم صلاة الفجر .
سيف وهو يحرك والده قليلا: بابي يا بابي.. اصحى بقى ... انت كسلان أوي يا بابي على فكلة 
الاب وهو يستيقظ مبتسما على كلام طفله الحبيب: هههههه....بقى أنا اللي كسلان يا أوزعه انت ماشي والله لاوريك
وقام الاب بحمل ابنه والقاه على السرير وبدأ في مداعبته حتى غرق الطفل في الضحك الشديد وبالكاد كان يستطيع التقاط انفاسه
سيف من بين ضحكاته: خلاث خلاث يا بابي ... مس قادل خلاث 
الاب: احسن بردوا علشان تبقى تقول على بابي انه كسلان بعد كدا...بقى انا كسلان ... طب مش هارحمك بقى هيه
سيف وبالكاد يلتقط انفاسه: يا مامي خلي بابي يسبني بقى
كانت الام تقف على باب الغرفه تتابع المشهد في صمت و ابتسامه على شفتيها تتسع كلما علت ضحكات سيف أكثر تشعر بسعاده غامره من هذه اللحظات الحميمه بين طفلها ووالده ولكن لم تخلو من بعض الحزن على انه ليس لها نصيب من هذه المزحات والمدعبات الصغيره فيها تخص ابنها وحده وافاقت على استنجاد صغيرها بها.
وما ان سمع الاب كلام الصغير حتى توقف عن مداعبته قائلا:
-يلا بقى سبني اروح اتوضا علشان نصلي
سيف وهو يتمالك ضحكاته ليستطيع النهوض: ما انت يا بابي اللي كنتي بتزغزغني ... يعني انت اللي عطلتني .. مس صح يا مامي؟
الام وهي تبعد نظرها عن زوجها: اه بس كفايه دلع وروح اتوضا بسرعه يلا
سيف :حاضل يا مامي لايح اهو 
الام وهي تنظر لزوجها: صباح الخير يا آدم 
آدم وهو يتفادى النظر لها متحججا بالبحث عن حزائه: صباح النور يا ندى 
ندى بسخريه: الشبشب بقى في رجلك خلاص بتدور على ايه؟ 
آدم باحراج: لا ولا حاجه بس بالبسه كويس لسه صاحي بقى معلش
ندى: عادي انا اتعودت خلاص على المعامله دي عن اذنك اما اروح الحق اصلي
آدم بتوتر: طب .. طب ما تستني تصلي معايا أنا و سيف جماعه يعني
ندى بأمل: بجد ؟
آدم بجديه: أه .. دي صلاة يعني.. ناخد ثوابها كلنا
ندى بفرحه : طيب انا هاروح اتوضى وأجي 
تركته ندى يفكر هل ما فعله صواب أم خطأ...انه لا يستطيع نسيان ما حدث منذ 5 سنوات تقريبا... بالتحديد في ليله زفافهما...انه فقد يتناسى ما حدث مراعاة لولده ولابويها الموجودين معهما في نفس المنزل...لا يستطيع اعطاءها امل بان تعود علاقتهما طبيعيه من بعد ما حدث لا الآن ولا لاحقا...ايقظ نفسه من اوهامه محدثا نفسه: ليه كل دا وهي هتفتكر انه عايز اصلح علاقتنا لمجرد اني قولتلها نصلي سوا؟ .. لالا انا اكيد سرحت اوي ... خليني اتوضا واصلي لاحسن سي سيف يجي دلوقتي ويعلقلي المشنقه هههههه
بعد الانتهاء من صلاة الفجر وذهاب سيف لينام قليلا التفتت ندى الى آدم قائله: تحب أحضرك ايه في الفطار؟
آدم دون النظر اليها وهو يبحث عن شئ يرتديه للذهاب الى العمل: لا ما تتعبيش نفسك
ندى: يعني احضر اي حاجه ؟ مالكش نفس لحاجه معينه؟
آدم: لا ماليش نفس أفطر اصلا... انا هالبس وانزل على طول...ورايا مرضى كتير قبل العمليات 
ندى في محاوله لتخفي خيبه أملها: أنا مش عارفه انت طلعت دكتور ليه؟ وكمان دكتور قلب!... انا لما باشوف الدم باحس انه هيغمى عليا فما بالك بقى لو شوفت قلب ههههه
آدم ببرود: بس مش انتي اللي بتشوفي القلب دا ... انا اللي باشوفه 
ندى وقد شعرت بالاحراج الشديد من طريقة كلامه معها توجهت إليه قائله: طب اوعي كدا انا هاجهزلك هدومك ... بدل ما انت واقف بقالك ساعه وما طلعتش حاجه ... ولا عايز تتأخر عن شوفت القلب
وفجأه تلامست يديهما على احد القمصان فسحبها بسرعه كأنه لمس قطعه من الجمر وقال بسرعه: طيب ... انا هاروح استحمى عقبال ما تطلعي الهدوم 
ودخل الحمام بسرعه وقد أغلق الباب خلفه واسند ظهره اليه ليلتقط انفاسه فهو بالرغم من معاملته الجافه لها وابتعاده عنها الا انه ما زال يحبها ويتوتر من قربها منه.... فهي ما تزال حبه الاول والاخير!
وبينما يلتقط آدم انفاسه كانت ندى تستنشق عدت مرات حتى تمنع قطرات الدموع من النزول فلقد اتعبتها معامله آدم لها فهي تتحمل هذه المعامله منذ 5 سنوات بدون ان تتبدل على الرغم من انها تشعر احيانا بحنينه اليها الا انه لا يلبث ان يقوم بتصرف يجعلها تشك في تلك اللحظه وحدوثها من الاساس اخذت نفسا عميقا قائله: يا رب صبرني لاحسن انا تعبت خلاص من ثم توجهت الى الخزانه لتجهز لزوجها ملابسه للذهاب إلى عمله الذي يعشقه.
***********************
-اووووف !
فريده: مالك يا بنتي داخله بزعبيبك كدا ليه؟ ايه العفريت بترقص على واحده ونص قدامك ولا ايه يا مرمر ههههههههههه
مرام: يوووه مش وقت هزارك خالص يا فريده 
فريده بجديه : فيه ايه يا مرام ؟
مرام بعصبيه: الولية المستفزة اللي ساكنه في الشقة اللي قصدنا اللي اسمها ام جلال دي مش سيباني في حالي في الطالعه والنازله تفضل تديني في جنابي
فريدة: وانتي عملتي ايه المره دي علشان تديكي كلمتين ؟
مرام: يعني هاكون عملت ايه يعني ؟ زي كل يوم 
فريده: يبقى اكيد علشان لبسك دا ! ... ما انبهتك 100 مره عليه وانتي مافيش فايده فيكي تدخلي الكلام من هنا وهتخرجي من الناحيه التانيه 
مرام: ماله لبسي يعني؟ بنطلون جينز وتي شيرت زي اي بنت في الجامعه ماله بقى؟ 
فريده: لا ابدا كل ما هنالك التي شيرت يدوب واصل لحزام البنطلون ولازق في جسمك والبنطلون تقريبا انا شايفه الخياطه بتاعته من هنا بس تصدقي مالهاش حق
مرام: دا لبس البنات في الجامعه كلها كدا 
فريده: لا طبعا مش كلهم انتي اللي عاجبك وداخل مزاجك الناس دي وبتحبي تبصي عليهم وتقلديهم وما بتشوفيش الناس التانيه اللي لابسه واسع 
مرام:بصي بقى موال كل يوم دا انا زهقت منه وكمان انا حرة في لبسي المهم مش لابسه طرحه ولا اساءت لديني 
فريده: كويس انك عارفه انه اللبس دا فيه اساءة 
مرام : يا ربي!... ايه مافيش مره اغلبك في الكلام كدا ؟
فريده بغمزه: هههههههه هتغليبيني ازاي وانا كلامي الصح؟ اعملي الصح وانتي تغلبي اي حد مش انا بس 
مرام: هههههههه ماشي ياختي اومال فين هند؟ لسه ما جتش؟
فريده:لا لسه .. بتدور على شغل كالعاده ربنا يسهلها وتلاقي حاجه كويسه ومناسبه ليها 
مرام بسخريه : ااااه زي شغلانتك بالظبط مش كدا؟
فريده: مالها شغلنتي بقى ؟ محترمه وكويسه وانا باحبها 
مرام: مالها ؟ وكمان بتسألي! واحدة خريجه طب بيطري على سن و رمح وكمان بتقدير جيد جدااا وبتشتغل في مكتبه مجرد بياعه فيها مش بتاعتها حتى 
فريده: قولتلك كل شئ نصيب وانا مبسوطه كدا واهي بتوفرلي وقت ليكي انتي وهند وكمان مش احسن ما اشتغل في شركة في اخر بلاد المسلمين واصحى من 5 الصبح وارجع 7 بليل ولو فيه شغل اضافي اخلصه 9 ولا 10... كدا كنتي هتتبسطي اكتر يعني ؟
مرام في محاولة لارضاءها : لا لا لا طبعا دا انتي حبيبتي واغلى حاجه عندي امووووه هو انا اقدر استغنى عنك انا باقول بس علشان حاجه تناسبك يعني مش يطلع عينك 5 سنين في الكليه المنيله دي وفي الاخر ما تستفيديش منها بحاجه دا كل قصدي والله يا حبيبتي 
فريده : الحمدلله ومين عارف يمكن يجي اليوم اللي هاستفيد بيها فيه المهم يلا روحي غيري هدومك عقبال ما اجهز السفره وتكون هند جت علشان نتغدى سوا 
مرام: ماشي يا فيري مادام فيها اكل يبقى طيارة وتلاقيني قاعده على السفره 
فريده : يادي النيله انتي يا بت ما بتحرميش؟ انا مش قولتلك قبل كدا مش باحب اسم فيري دا؟
مرام بضحك: علشان على اسم مسحوق غسيل المواعين يعني؟ ما هو كدا كدا في وشك طول اليوم في المطبخ بتستخدميه وفي التلفزيون بتشوف اعلاناته هتيجي عليا اني اناديكي بيه يعني؟
فريده: بت مالكيش اكل عندي ويلا بقى انجري من خلقتي بدل ما احدفك بغطى الحله دا 
مرام وهي تكتم ضحكاتها: طب قوليلي اسم دلع ليكي تاني انا حولت ومالاقتش
فريده: ان شاء لله عنك ما دلعتيني المهم الاسم دا ما اسمعوش تاني فاهمه !
مرام بمسكنه: خلاص خلاص يا قمر ولا تزعل نفسك اموووه المهم انتي اكليني وانا اعملك اللي انتي عايزاه يا جميل.
فريده: ماشي يا مفجوعه .. همك على بطنك كدا على طول 
مرام وهي تخرج من المطبخ وتقف عند الباب قائله : فيري فيري وأخرجت لسانها لأختها وركضت مسرعه الى غرفتها

نهاية الحلقة 1






0 التعليقات:

إرسال تعليق