تفحص المكتبة التي أمامه بدقة ، مر
ببصره فوق أسماء الكتب ثم أمسك الكتاب الذي يجذب أنتباهه مقلباً صفحاته.
رامي: عندك مكتبة كبيرة أوي
عبدالحميد مبتسماً: أنا طول عمري بأجمع
في الكتب اللي قدامك دي
أضاف سعيداً بالذكرى: من لما دخلت
إعدادي وأنا بقيت أجمع مصروفي اللي أبويا بيدهاني عشان أجيب كتب اقرأها ، لما كنت
بأنجح ويسألوني عايز هدية إيه كنت بأقولهم كتاب ، أول مرتب جيبت بيه هدية لنفسي
كتاب ، وكتاب ورا كتاب عملت المكتبة اللي قدامك دي
رامي: ولسه بتجيب كتب ؟
عبدالحميد: لا ، نظري ما بقاش حمل
قراية كفاية عليا الجرايد
أضاف هامساً: وكلام في سرك أم يحيي بقى
خلقها ضيق وبتزهق من القاعدة لوحدها ، قبل كدا كنت ماسك كتاب وانشغلت بيه لدرجة
إني نسيت أشرب الشاي اللي عملته لما شافت كوباية الشاي باردة نيمتني على الكنبة
وقفلت على نفسها واستفردت بالسرير ، وأنا عضمي ما بقاش مستحمل نومة الكنب دي
رامي: ههههههههههههه ، وأنت لسه في كتب
عايز تجيبها؟
أشار للمكتبة: هو أنت فاكر إنه الكتب
بتخلص؟ دا كل يوم بيطلع كتاب جديد ومعلومة جديدة ، دا غير إن نص المكتبة فاضي
رامي واعداً: كل دا وفاضي؟ ، بس ليك
عليا إني هأكملك النص التاني
أومأ عبدالحميد موافقاً فتابع: أنت
مكتبتك فيها كل المجالات ديني – رومانسي – رعب – علمي حتى السياسي
عبدالحميد: أنا بأحب أقطف من كل بستان
زهرة ، أنا مقتنع إني أعرف مقتطفات من كل مجال أحسن ما أركز في مجال واحد بس ، دا
غير إنه مهما عملت مش هأقدر أعرف كل حاجه عن نفس المجال أو الموضوع فكدا أحسن وأمتع
رامي: بالمناسبة أنا خلصت كتاب من اللي
أخدتهم وبدأت في التاني بس نسيت أجيبهم معايا معلش
عبدالحميد: على حسابك يا ابني ، المهم
يفيدوك
هم رامي بالإجابة ولكن دخلت الزوجة
حاملة زجاجة ماء باردة ، نهض رامي من مجلسه ليتناول الزجاجة : يااااااه دا أنا كنت
هأموت من العطش
أمسك عبدالحميد الزجاجة وقال محذراً:
اشرب على 3 مرات وبراحه مش مرة واحدة ، واشرب وأنت قاعد
رامي متعجباً: ليه ؟
عبدالحميد: اشرب الأول وبعدين أقولك ،
أروي عطشك
بعد أن شرب بدأ عبدالحميد يبرر: الكبد
هو المسؤول عن العطش وشرب المايه دفعة واحدة ممكن يسبب صدمة للكبد ويعمل تليف كبدي
والعياذُ بالله ، دا غير إن لما بتيجي تشرب مش بتتنفس ودا بيخلي الهوا يتحبس في
الرئتين ويعمل انتفاخ للرئتين ودا مرض خطير بيبقى بداية أمراض تانية زي قصور القلب
، لكن لما تشرب على 3 دفعات ، بتبقى الأولى زي الإنذار للكبد إنه في مايه جايه
وهتدخل الجسم
عقبت الزوجة: دا غير إنها وصية الرسول -صلّ
الله عليه وسلم- " يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا ، وَيَقُولُ : إِنَّهُ
أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأُ "
رامي بإشمئزاز: هو إزاي اتنفس ف المايه
؟
عبدالحميد: مش في المايه ، المقصود
أثناء الشرب ، يعني تقطع الشرب وتاخد نفس وترجع تاني 3 مرات ، ودا واضح أكتر في
الحديث التاني ، قال -صلّ الله عليه وسلم- ( إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا
يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ
الْإِنَاءَ ، ثُمَّ لِيَعُدْ إِنْ كَانَ يُرِيدُ )
ثم أضاف: أما بالنسبة لإنه وأنت قاعد
تشرب فدي عشان وأنت واقف وشربت أو حتى أكلت الأكل بينزل يخبط جامد في المعدة
وجدارها ومع الوقت والتكرار بيعمل أذى كبير وكمان بيعمل عسر هضم وفي علماء قالوا
إنه الوقوف بيعمل حالة توتر لإن الجهاز العصبي بيحاول يسيطر على عدد كبير من
العضلات عشان يحفظ التوازن بتاع الإنسان فبيخلي في قلق وعدم راحة في الأكل والشرب
مع إنهم المفروض يسببوا الراحة دي
عقبت الزوجة مجدداً بحديث: عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلّ الله عليه و
سلم- " نهى عن الشرب قائماً "
رامي: هو إنتي حافظة كل الأحاديث دي ؟
أم يحيي ضاحكة: هي معضلة يا ابني ؟ مش
هتبقى أصعب من اللي بتتعلموه في المدارس ، وبعدين أبوك عبدالحميد كل ما يعرف حاجه
بيجي يقولي ، عشان أستفاد منها ويأخد ثواب نقلها وتعليمها لغيره
عبدالحميد: وأمك ما شاء الله عليها
شاطرة وبتحفظ بسرعة وبتفهمها ع الطاير
أم يحيي بفخر: أومال إيه ، ما أنا
تربيتك يا عبده
لاحظوا صمته فنظر إليه عبدالحميد
مستفسراً ، تجمعت الدموع في عيني رامي وهو يقول: أنا لو لفيت الدنيا مش هالاقي أب
وأم زيكوا أصلاً
ضمته أم يحيي لحضنها بحنان وشاركته
دموعه ، حتى عبدالحميد لم يستطع تحمل
عاطفية الموقف وتساقطت قطرات من عينيه.
-------------
فتح كريم باب شقته التي يسكنها مع
والدته وهي ما اشتراه من المكافأة التي أعطاه إياها باسل لكشفه حقيقة المدير السابق
، لقد رفض كثيراً هذه المكافأة معللاً أن هذا واجبه لكن إلحاح باسل عليه جعله
يقبلها مجبراً.
أقبلت عليه والدته عندما سمعت الباب
يُفتح ، ضمها إليه بقوة قائلاً:
- أنا فرحان أنا مبسوط
- إن شا الله ديماً يا حبيبي
- أخيراً مريم خرجت من العناية وبدأت
تتحسن
- بجد ؟! الحمدلله ، دي مامتها كانت
حالتها تصعب ع الكافر
- أنا اليومين اللي فاتوا حسيت إنهم
سنين من الخوف والقلق اللي حسيتهم ، خوفت مريم تضيع مني تاني بس المرة دي ماكانش
هيبقى في أمل إننا نرجع لبعض بس دلوقتي ... أنا مش قادر أمسك نفسي وعايز أروح
أقولها بحبك وعايز أتجوزك !
نظرت له بشفقة وحاولت إجابته مترددة:
بس ...
نظر لها متعجباً فرد فعلها مختلف
تماماً عما توقعه ، فهي من عارضته بشدة عندما أخبرها برغبته في خطبة فتاة تعمل معه
، وكانت من أنصار مريم وأنها الزوجة الملائمة له ، فلما هذا تغيير؟
لم تمضي لحظات حتى ظهر سبب إرتباك
الأم.
صُدم كريم: لبنى ؟
أجابته لبنى بهدوء: أيوه ، إزيك يا
كريم ؟
كريم بإرتباك: الحمدلله ، بس إنتي إيه
اللي جابك هنا ؟ وجيتي إمتى؟
لبنى: جيت الصبح ، عشان أعرف إيه اللي
يربطك بمريم ويخليك هتطير وتروحلها لما تعرف إنها ف خطر
تمهلت قبل أن تضيف بتأني متمعنة في رد
فعله: وعرفت
نظر لها بدهشة ثم نقل بصرها إلى والدته
التي تحججت بإرتباك أن الطعام سيحترق وتركتهم مسرعة.
جلست لبنى ولحق بها كريم ، كان يريد
إخبارها الحقيقة ولكن ليس بهذه الطريقة الفظة ... ولكنه ما حدث.
بدأ لبنى الكلام: ما قولتليش ليه لما
سألتك ؟
تنهد كريم بقوة مجيباً: كنت لسه مرتبك
من ظهورها فجأة قدامي ، كنت عايز أكلمك وأحكيلك بس ما عرفتش ابدأ منين ولا أحكي إزاي
لبنى: هي بقت كويسة زي ما قولت لمامتك
من شوية ؟
كريم: أه ، خرجت من العناية و مرت
مرحلة الخطر
- طب الحمدلله ، ربنا يتمم شفاها على
خير
رفع رأسه إليه مستغرباً: إنتي اللي
بتقولي كدا ؟
ابتسمت إبتسامة باهتة: مش عشان اللي
بينكوا هأتمنالها الأذية ، هي ما أذتنيش ف حاجه بالعكس يمكن أنا اللي أذتها ، أنا
اللي دخلت حياتك ولولا وجودي كان زمانك معاها
علق كريم: لا يا لبنى دي غلطتي أنا ، إنتي
ماكنتيش تعرفي ومالكيش ذنب
سألته لبنى بغتة: أنت بتحبها ؟
تردد كيف يخبر خطيبته أنه يحب أخرى؟! ،
لكنه أجاب محرجاً: أيوه اليومين اللي فاتوا عرفت إني بأحبها أكتر من الأول
- ومستني إيه ؟
- مش فاهم قصدك
- يعني ما روحتش تقولها بحبك وعايز
أتجوزك زي ما قولت لمامتك من شوية ليه ؟
نظر إليها مبهوتاً: وإنتي ؟
- مالي؟
- ما إنتي خطيبتي
أخرجت الخاتم من إصبعها ووضعته أمامها
على الطاولة: مين دي ؟ ، أنا أخر معلوماتي إنكوا فركشتوا
لجمت الدهشة من تصرفها لسانه فتابعت
بحنان: أنا عمري ما هأتجوز واحد وأنا عارفة ومتأكدة إنه بيحب واحدة تانية ، لا
وكمان هي بتحبه ، أنا أه ارتبطت بيك لإنك مناسب وفيك الصفات اللي حطيتها في شريك
حياتي وما أنكرش إني حبيتك مع الوقت بس أنا ما أقدرش أفرق بين قلبين بيحبوا بعض ،
وشكله نصيبي أنا لسه ماجاش
- بجد مش عارف أقولك إيه ، شلتي حمل
كبير من على كتافي
لاحظ الحزن الذي ظهر في عينيها بعد
كلماته الأخيرة فأستدرك مسرعاً: أسف والله مش قصدي أنا بس ...
أوقفته عن متابعة التبرير والإعتذار:
ما تتأسفش ، روح وإتجوزها وصدقني أنا هأفرحلكوا أووي
دخلت الأم في هذه اللحظة ودموعها تنهمر
على وجنتيها بغزارة ، ضمت لبنى إلى صدرها قائلة: تصدقي إني دلوقتي حبيتك ، ربنا
يكرمك ويرزقك بالزوج الصالح اللي تحبيه ويحبك ويهنيكوا سوا ويفرحك زي ما فرحتيني
وفرحتي ابني دلوقتي قادر يا كريم
تناولت لبنى حقيبتها: أنا لازم أمشي
دلوقتي
كريم: هتسافري ؟
أجابته: أيوه
كريم: إستني هأسافر معاكي
لبنى: خليك ما تتعبش نفسك
كريم: لا ما ينفعش تسافري ف ساعة زي دي
لوحدك لإنه كلها ساعة والدنيا تليل
ابتسمت في سرها لرجولته وشهامته بالفعل
ستكون محظوظة من تكون زوجته ، أجابته: أختي وجوزها كانوا جايين يشتروا حاجات
ومستنيني
كريم: طب زي ما تحبي ، توصلي بالسلامة
والدة كريم: مع السلامة يا بنتي ، ربنا
يجعلك ف كل خطوة سلامة
أقفل الباب خلف لبنى واستدار إلى
والدته معاتباً: ليه حكيتيلها؟
الأم بحرج: يووه بقى يا كريم ، حسيتها
عازول بينك وبين مريم وخصوصاً بعد ما شوفت لهفتك عليها في المستشفى فقولت أقولها
يمكن يكون عندها دم وتبعد
كريم: وهي طلعت ذوق خالص وفعلاً بعدت
الأم بسعادة: يعني هتخطب مريم ؟ إمتى؟
كريم: هي لسه ف المستشفى ، لما تخرج
وتتحسن هأتقدم لها
الأم: ربنا يسعدك يا رب ، وأشوفك عريس
قريب
تحولت نظراته إلى نظرات حالمة متخيلاً مستقبله مع مريم ،
ستصبح زوجته بعد هذه السنوات وأماً لأولاده.
0 التعليقات:
إرسال تعليق