الفصل الرابع

********


اتجهت إيلين إلى الحقل حيث يعمل جدها ووجدت آسر يعمل بكد وقد قام بثني البنطال إلى اسفل الركبة بقليل وكان القميص مفتوحا حتى المنتصف بالاضافة الى ثني كُميه وكانت تلك الملابس ملابس أحد العمال فملابس جدها لم تكن على مقاسه ابتسمت إيلين لرؤية قطرات العرق المتلئلئة على جبينه وكان حال جدها لا يختلف كثيرا عن حاله.اقتربت إيلين أكثر فلاحظها جدها فهتف بسرور: إيلين!
انتبه آسر للاسم فنظر إليها بسعادة تاركا ما بيده ليلحق بها وبجدها
آسر: بتعملي ايه هنا؟
رفعت إيلين ما بيدها امام نظره قائلة بابتسامتها الساحره: الغدا..ولا ماجوعتش لسه؟
الجد ضاحكا: ما جاعش ايه بس! دا احنا من الصبح في الارض دا انا هاموت من الجوع كويس انك جيتي
فرشت إيلين مفرش على الارض لتجلس ترص الطعام بمساعدة آسر بينما كان الجد يخبر العمال بأن يعودوا للمبنى الخاص بهم ليتناولوا الغداء من ثم يعودوا للعمل وعاد إلى إيلين وآسر مرة أخرى
آسر مستفهما: اومال محمد فين؟
إيلين: خرج بعد ما خرجتوا على طول عشان يتمشى ومارجعش بس أنا سبتله الغدا بتاعه هناك عشان لو جه وماحدش في البيت
الجد: كويس يا إيلي
ضحك آسر مستغربا: إيلي ؟
الجد مبتسمة بحبور: اه دا دلع إيلين
نظر آسر لإيلين نظرة لم تستطع فهمها ولكنها شعرت بسعادة غامرة تجتاحها بسببها واحمرت وجنتيها بشدة وظلا يتبادلان النظرات طوال فترة تناول الطعام ولم يعلما بأن مصطفى شعر بتلك النظرات وابتسم بخبث وهو ينقل نظراته بينهما.وبعد مغادرة إيلين ظل آسر يتبعها بنظره حتى وضع مصطفى يده على كتفه قائلا بابتسامة خبيثة: مش يلا نرجع نشتغل ولا عايز تروح يا أستاذ آسر معاها؟
توتر آسر: طب يلا نرجع نكمل
وعاد لممارسة عملهما الشاق وكلا منهما يفكر في نفس الشئ....إيلين!
----------------------------------
بعد مرور يومين آخرين دخل محمد المنزل سعيدا تكاد سعادته تجعله يحلق في السماء فاندهش الجميع ليسأله آسر: مالك يا ابني؟ ايه اللي حصل؟
محمد بسعادة شديدة: هاتجوز
آسر بصدمه: ايه؟!
محمد مكررا: هاتجوز ... هاتجوز !
الجد مستغربا: انت كنت خاطب قبل ما تيجي هنا يعني وكلمتها ولا ايه؟
محمد نافيا: لا أنا هاتجوز واحدة من هنا ... هاتجوز إسراء!
إيلين بدهشه: هو أنت كنت طلبت إيدها اصلا؟
هز محمد رأسه بالايجاب: ايوه تاني يوم شوفتها فيه
آسر مستغربا: وانت لحقت تتعرف عليها يا ابني؟
محمد: مش اوي.... بس حبيتها اوي
الجد ضاحكا: وليه الاستعجال دا كله يا ابني؟ ما تاخد وقتك
محمد بوله: بقولك بحبها يا جدو مصطفى باحبهاااااااااا يا ناااااااااااس
قهقهت إيلين قائلة: شكلك مش هتدخل دنيا دا انت هتدخل عباسية ههههههههههه
الجد: طب باباها وافق بسهوله؟
محمد متنهدا: بسهوله؟ دا بقاله يومين بيفكر يومين!
إيلين ضاحكه: يومين دول بقى قليل ولا كتير ماهو كل حاجه عندك بقت بالمشقلب
محمد بحنق: قليل! دول كانوا قرنين مش يومين ! المهم وافق بقى
آسر وهو ما زال مصدوما: وانت كنت عنده دلوقتي؟
محمد موافقا: ايوه لسه جاي بالرد أخيرا.... وهنتجوز خلاص كمان اسبوع
إيلين:ههههههههه طب وجاي على نفسك ليه؟ ما كنت اتجوزتها دلوقتي ماهي حلاوتها في حموتها ههههههه
محمد بحزن: حاولت بس مارضيش
الجد مستغربا: ودا كلام يرضي مين يا ابني؟ دي مهما كان بنته ومش هيرميها كدا
محمد بحنق: يرميها؟ تشكر يا عم مصطفى
الجد متنهدا: مش قصدي يا ابني بس اوزن الامور شوية وبلاش التسرع دا!
آسر: طب صحيح هتعيشوا فين؟ هنا ولا هناك؟

محمد: لما قعدت معاها قالتلي انها مش هينفع تبعد عن اهلها كتير عشان مامتها كبيرة واخواتها صغيرين يعني مش هتسيبها كدا لوحدها...فقولت خلاص نسكن هنا والاقي شغل هنا وانا اصلا حبيت هنا اوي اوي اوووووووي
الجد ضاحكا: ربنا يسعدك يا ابني....وشغلك في الحفظ والصون تعالا اشتغل معايا في الارض لو عايز وهاديك مرتب زي الباقي ما تقلقش
محمد بسعاده: بجد ؟ ربنا يخليكي ليا يا ررررررب
آسر ضاحكا: ماكنتش عايز تيجي تشتغل بمزاجك معانا اديك هتشتغل غصب عنك يا خفيف
محمد: مالكش فيه انت بس اطلع وهي تعمر .... صحيح انت هتسافر امتى؟
تكهرب الجو بمجرد ذكر سفر آسر مرة أخرى...نظر الجد لحفيدته ليرى الحزن ارتسم على ملامح وجهها بينما توتر آسر بشدة فاجاب بمرح: مش لما أفرح بيك الاول يا وحش؟
محمد بفرح: اه خليك اهو يكون فيه حد من اللي اعرفهم بدل ما انا مقطوع من شجره كدا
الجد متسائلا: انت ما عندكش قرايب ولا ايه؟
محمد بأسى: لا ماتوا في حادثة من وانا 15 سنة كدا وكنت عايش مع عمي لحد ما مات من سنتين واهو بقيت لوحدي
إيلين غامزة: لوحدك ايه بقى ما كلها اسبوع وتبقى سوسو معاك وبعدها بكام شهر يجيلك عيل وعيل ورا عيل تفتح مدرسة وتنسى الطيران دا خااااالص ههههههههه
ظلوا يضحكون ويمازحون محمد بشأن زواجه ولكن آسر و إيلين يخفي كلا منهما حزنا بداخله على الفراق المحتوم...
---------------------------------
في الحقل توقف الجد عن العمل عندما رأى آسر يجلس أسفل إحدى الشجرات الضخمه وينظر إلى السماء مفكرا فتوجه إليه وجلس بجواره قائلا بهدوء: ايه اللي شاغل بالك؟ السفر؟
آسر باندهاش: وانت عرفت منين؟
الجد مبتسما: يا ابني أنا كمان حبيت واعرف احساسك دلوقتي
تنهد آسر قائلا: ماكنتش أعرف اني ممكن في يوم أرجع احب
الجد: وليه كدا يا ابني؟ حصلك ايه عقدك؟
آسر وهو يهز رأسه: مش عايز اتكلم في الموضوع دا
الجد متفهما: طيب زي ما تحب... بس اديك دلوقتي حبيت ناوي تسافر وتسيبها بردوا؟
آسر بحزن: ما اقدرش اقعد زي محمد أنا شغلي وعيلتي وحياتي كلها هناك مش هينفع ارميهم ورا ضهري ولا ينفع اجبرهم يغيروا حياتهم كلها عشان خاطري
الجد بعد صمت: طب ما تاخدها هي معاك؟
آسر مصدوما: وانت هتوافق ؟
ابتسم الجد ابتسامة حزينة نوعا ما: أنا باحبها وهي غالية عليا اوي عشان كدا هاستحمل سفرها وبعدها عني عشان بردوا عارف انه سعادتها معاك
آسر مقترحا: طب ما تيجي انت كمان معانا !
ابتسم الجد رافضا بهدوء: يا ابني أنا زي الشجرة اللى احنا ساندين عليها دي لو طلعتها من جذورها تيبس وتموت لكن الزهرة الصغيرة الملونة لو قطفتها واهتميت بيها هتفضل زهرة
آسر بحزن: بس مسيرها تدبل وتموت
الجد مشجعا: إيلين لو فضلت تحس بحبك مش هتدبل وتموت بالعكس هتفتح وتنور اكتر وتشم ريحتها من على بعد كيلو كمان
آسر بأمل: يعني ممكن توافق عليا؟
نهض الجد قائلا بجدية: كلمها وانت تعرف ولا انت هتفضل قاعد كدا تقول جايز و ولو؟ وبعدين يلا بقى بلاش دلع الشغل شغل يا أستاذ ولا ايه ؟
ضحك آسر ناهضا: طبعا يا أستاذ مصطفى ههههههه
----------------------------------
بعد انتهاء حفل زواج إسراء ومحمد سار آسر برفقة إيلين عائدين إلى الكوخ لان الجد انصرف مبكرا جدا لشعوره بالتعب حسب ما قاله لإيلين متحججا واخبرها ان تبقى كما تشاء وتعود برفقة آسر في وقت لاحق...بدأ آسر الحديث قائلا: الحفلة كانت حلوة
إيلين بسعادة لصديقتها : اه اوي وإسراء كانت حلوة اوووي
آسر بحب: عقبالك
إيلين بخجل: وعقبالك
آسر متنحنحا: أنا اتفاجأت انهم لاقوا بيت بالسرعه دي
إيلين موضحه: اصل البيت دا ماحدش كان ساكنه عشان صاحبه عايش في بيت ابنه ولما محمد دور وصله وطلب منه البيت وعشان يعرف عمو حسني والد إسراء وافق
آسر متفهما: اه ربنا يسعدهم
إيلين: آمين
وبعد فترة صمت قال: أنا عرفت جدك ما بيحبش عادل ليه انهارده
إيلين مستغربه: ليه؟
آسر بحنق: عشان بيفضل وراكي وعينه عليكي طول الوقت وبيتلكك عشان يكلمك
ضحكت إيلين بسعادة: انت كنت بتراقبه ولا ايه؟
توتر آسر: لا وهاراقبه ليه؟ هو اللي كان مكشوف اوي وتقريبا الكل لاحظ
إيلين بخيبة: ااه طيب
ظلا يسيران فترة طويلة بصمت حتى توقف آسر فجأة لتنظر إليه إيلين بدهشه: وقفت ليه؟
سحب آسر نفسا عميقا قبل أن يقول بهدوء: تتجوزيني؟





0 التعليقات:

إرسال تعليق